وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى [ ص: 136 ] كلام مستأنف من جهته عز وعلا خوطب به الناس بطريق التلوين والالتفات مبالغة في تحقيق الحق، وتقرير ما سبق، أي: وما جماعة أموالكم وأولادكم بالجماعة التي تقربكم عندنا قربة، فإن الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث، أو بالخصلة التي تقربكم. وقرئ: (بالذي) أي: بالشيء الذي.
إلا من آمن وعمل صالحا استثناء من مفعول تقربكم، أي: وما الأموال والأولاد تقرب أحدا إلا المؤمن الصالح الذي أنفق أمواله في سبيل الله تعالى، وعلم أولاده الخير، ورباهم على الصلاح، ورشحهم للطاعة. وقيل: من أموالكم وأولادكم على حذف المضاف، أي: إلا أموال من... إلخ.
فأولئك إشارة إلى "من" والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في الفعلين باعتبار لفظها، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه; للإيذان بعلو رتبتهم، وبعد منزلتهم في الفضل، أي: فأولئك المنعوتون بالإيمان والعمل الصالح.
لهم جزاء الضعف أي: ثابت لهم. ذلك على أن الجار والمجرور خبر لما بعده، والجملة خبر ل "أولئك" وفيه تأكيد لتكرر الإسناد، أو يثبت لهم ذلك على أن الجار والمجرور خبر ل "أولئك" وما بعده مرتفع على الفاعلية، وإضافة الجزاء إلى الضعف من إضافة المصدر إلى المفعول أصله: فأولئك لهم أن يجازوا الضعف، ثم جزاء الضعف، ثم جزاء الضعف. ومعناه أن تضاعف لهم حسناتهم الواحدة عشرا فما فوقها، وقرئ: جزاء الضعف على (فأولئك لهم الضعف جزاء) و (جزاء الضعف) على أن يجازوا الضعف، وجزاء الضعف بالرفع على أن الضعف بدل من جزاء.
بما عملوا من الصالحات
وهم في الغرفات أي: غرفات الجنة.
آمنون من جميع المكاره. وقرئ بفتح الراء وسكونها، وقرئ: (في الغرفة) على إرادة الجنس.