والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور والله الذي أرسل الرياح مبتدأ وخبر، وقرئ: (الريح) وصيغة المضارع في قوله تعالى:
فتثير سحابا لحكاية الحال الماضية استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال القدرة والحكمة، ولأن المراد بيان إحداثها لتلك الخاصية، ولذلك أسند إليها، أو للدلالة على استمرار الإثارة
فسقناه إلى بلد ميت وقرئ بالتخفيف
فأحيينا به الأرض أي: بالمطر النازل منه المدلول عليه بالسحاب، فإن بينهما تلازما في الذهن، كما في الخارج، أو بالسحاب فإنه سبب السبب
بعد موتها أي: يبسها، وإيراد الفعلين على صيغة الماضي للدلالة على التحقق، وإسنادهما إلى نون العظمة المنبئ عن اختصاصهما به تعالى لما فيهما من مزيد الصنع، ولتكميل المماثلة بين إحياء الأرض وبين البعث الذي شبه به بقوله تعالى:
كذلك النشور في كمال الاختصاص بالقدرة الربانية، والكاف في حيز الرفع على الخبرية، أي: مثل ذلك الإحياء الذي تشاهدونه إحياء الأموات في صحة المقدورية، وسهولة التأتي من غير تفاوت بينهما أصلا سوى الألف في الأول دون الثاني، وقيل: في كيفية الإحياء يرسل الله تعالى من تحت العرش ماء فينبت منه أجساد الخلق.