[ ص: 149 ] ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير ولا تزر وازرة أي: لا تحمل نفس آثمة
وزر أخرى إثم نفس أخرى، بل إنما تحمل كل منهما وزرها، وأما ما في قوله تعالى:
وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم من حمل المضلين أثقالا غير أثقالهم فهو حمل أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم، وكلاهما أوزارهم ليس فيها من أوزار غيرهم شيء
وإن تدع مثقلة أي: نفس أثقلها الأوزار
إلى حملها لحمل بعض أوزارها
لا يحمل منه شيء لم تجب بحمل شيء منه
ولو كان أي: المدعو المفهوم من الدعوة
ذا قربى ذا قرابة من الداعي، وقرئ: (ذو قربى) وهذا نفي للحمل اختيارا، والأول نفي له إجبارا
إنما تنذر استئناف مسوق لبيان من يتعظ بما ذكر، أي: إنما تنذر بهذه الإنذارات
الذين يخشون ربهم بالغيب أي: يخشونه تعالى غائبين عن عذابه، أو عن الناس في خلواتهم، أو يخشون عذابه وهو غائب عنهم
وأقاموا الصلاة أي: راعوها كما ينبغي، وجعلوها منارا منصوبا، وعلما مرفوعا، أي: إنما ينفع إنذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من أهل التمرد والعناد
ومن تزكى أن تطهر من أوضار الأوزار والمعاصي بالتأثر من هذه الإنذارات
فإنما يتزكى لنفسه لاقتصار نفعه عليها، كما أن من تدنس بها لا يتدنس إلا عليها، وقرئ: (من ازكى فإنما يزكى) وهو اعتراض مقرر لخشيتهم وإقامتهم الصلاة; لأنها من معظم مبادئ التزكي
وإلى الله المصير لا إلى أحد غيره استقلالا أو اشتراكا، فيجازيهم على تزكيهم أحسن الجزاء.