وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير وهم يصطرخون فيها يستغيثون، والاصطراخ افتعال من الصراخ استعمل في الاستغاثة لجهد المستغيث صوته
ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل بإضمار القول، وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح، والاعتراف به، والإشعار بأن استخراجهم لتلافيه، وأنهم كانوا يحسبونه صالحا، والآن تبين خلافه.
وقوله تعالى:
أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر جواب من جهته تعالى، وتوبيخ لهم، و"الهمزة" للإنكار والنفي، و"الواو" للعطف على مقدر يقتضيه المقام، و"ما" نكرة موصوفة، أي: ألم نمهلكم، أو ألم نؤخركم ولم نعمركم عمرا (يتذكر فيه من تذكر) أي: يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر، قيل: هو أربعون سنة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -ستون سنة، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - وهو العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن
آدم.
قال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655940«أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة».
وقوله تعالى:
وجاءكم النذير عطف على الجملة الاستفهامية; لأنها في معنى قد عمرناكم، كما في قوله تعالى:
ألم نشرح لك صدرك ووضعنا ... إلخ؛ لأنه في معنى: قد شرحنا ... إلخ، والمراد بالنذير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ما معه من القرآن، وقيل: العقل، وقيل: الشيب، وقيل: موت الأقارب، والاقتصار على ذكر النذير; لأنه الذي
[ ص: 155 ] يقتضيه المقام، و"الفاء" في قوله تعالى:
فذوقوا لترتيب الأمر بالذوق على ما قبلها من التعمير، ومجيء النذير، وفي قوله تعالى:
فما للظالمين من نصير للتعليل.