وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين وإذ أخذ الله ميثاق النبيين منصوب بمضمر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، أي: اذكر وقت أخذه تعالى ميثاقهم.
لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قيل: هو على ظاهره و إذا كان هذا حكم الأنبياء عليهم السلام كان الأمم بذلك أولى وأحرى. وقيل: معناه: أخذ الميثاق من النبيين و أممهم و استغني بذكرهم عن ذكرهم. وقيل: إضافة الميثاق إلى النبيين إضافة إلى الفاعل، و المعنى: و إذ أخذ الله الميثاق الذي وثقه الأنبياء على أممهم. وقيل: المراد: أولاد النبيين على حذف المضاف و هم بنو إسرائيل أو سماهم نبيين تهكما بهم لأنهم كانوا يقولون نحن أولى بالنبوة من
محمد صلى الله عليه وسلم لأنا أهل الكتاب و النبيون كانوا منا، و اللام في
"لما" موطئة للقسم لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف، و "ما" تحتمل الشرطية، و "لتؤمنن" ساد مسد جواب القسم والشرط و تحتمل الخبرية. وقرئ "لما" بالكسر على أن "ما" مصدرية، أي: لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب ثم لمجيء رسول مصدق أخذ الله الميثاق لتؤمنن به ولتنصرنه، أو موصولة والمعنى: أخذه الذي آتيتكموه وجاءكم رسول مصدق له. وقرئ "لما" بمعنى حين آتيتكم أو لمن أجل ما آتيتكم على أن أصله "لمن ما" بالإدغام فحذف إحدى الميمات الثلاث استثقالا.
قال أي: الله تعالى بعد ما أخذ الميثاق.
أأقررتم بما ذكر.
وأخذتم [ ص: 54 ] على ذلكم إصري أي: عهدي، سمي به لأنه يؤصر، أي: يشد. وقرئ بضم الهمزة إما لغة كعبر وعبر أو جمع إصار وهو ما يشد به.
قالوا استئناف مبني على السؤال كأنه قيل: فماذا قالوا عند ذلك؟ فقيل: قالوا:
أقررنا . وإنما لم يذكر أخذهم الإصر اكتفاء بذلك.
قال تعالى.
فأشهدوا أي: فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار. وقيل: الخطاب فيه للملائكة.
وأنا معكم من الشاهدين أي: وأنا أيضا على إقراركم ذلك و تشاهدكم شاهد، و إدخال "مع" على المخاطبين لما أنهم المباشرون للشهادة حقيقة و فيه من التأكيد و التحذير ما لا يخفى.