ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون ولقد أضل منكم جبلا كثيرا جواب قسم محذوف، والجملة استئناف مسوق لتشديد التوبيخ، وتأكيد التقريع ببيان أن جناياتهم ليست بنقض العهد فقط بل به وبعدم الاتعاظ بما شاهدوا من العقوبات النازلة على الأمم الخالية بسبب طاعتهم للشيطان، فالخطاب لمتأخريهم الذين من جملتهم كفار
مكة ، خصوا بزيادة التوبيخ والتقريع; لتضاعف جناياتهم.
والجبل - بكسر الجيم والباء وتشديد اللام - الخلق، وقرئ بضمتين وتشديد، وبضمتين وتخفيف، وبضمة وسكون، وبكسرتين وتخفيف، وبكسرة وسكون، والكل لغات.
وقرئ: (جبلا) جمع جبلة كفطر وخلق في فطرة وخلقة، وقرئ: (جيلا) بالياء، وهو الصنف من الناس، أي: وبالله لقد أضل منكم خلقا كثيرا، أو صنفا
[ ص: 176 ] كثيرا عن ذلك الصراط المستقيم الذي أمرتكم بالثبات عليه، فأصابهم لأجل ذلك ما أصابهم من العقوبات الهائلة التي ملأ الآفاق أخبارها، وبقي مدى الدهر آثارها.
و"الفاء" في قوله تعالى:
أفلم تكونوا تعقلون للعطف على مقدر يقتضيه المقام، أي: أكنتم تشاهدون آثار عقوباتهم فلم تكونوا تعقلون أنها لضلالهم؟! أو فلم تكونوا تعقلون شيئا أصلا حتى ترتدعوا عما كانوا عليه؟! كيلا يحيق بكم العقاب.
وقوله تعالى: