وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين وما علمناه الشعر رد وإبطال لما كانوا يقولونه في حقه - صلى الله عليه وسلم - من أنه شاعر، وما يقوله شعر، أي: ما علمناه الشعر بتعليم القرآن على معنى أن القرآن ليس بشعر، فإن الشعر كلام متكلف موضوع، ومقال مزخرف مصنوع منسوج على منوال الوزن والقافية، مبني على خيالات وأوهام واهية، فأين ذلك من التنزيل الجليل الخطر، المنزه عن مماثلة كلام البشر، المشحون بفنون الحكم والأحكام الباهرة، الموصلة إلى سعادة الدنيا والآخرة، ومن أين اشتبه عليهم الشؤون، واختلط بهم الظنون؟
قاتلهم الله أنى يؤفكون .
وما ينبغي له وما يصح له الشعر، ولا يتأتى له لو طلبه، أي: جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له، كما جعلناه أميا لا يهتدي للخط؛ لتكون الحجة أثبت والشبهة أدحض.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
[ ص: 178 ] وقوله - صلى الله عليه وسلم -:
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
فمن قبيل الاتفاقات الواردة من غير قصد إليها، وعزم على ترتيبها.
وقيل: الضمير في "له" للقرآن، أي: وما ينبغي للقرآن أن يكون شعرا
إن هو أي: ما القرآن
إلا ذكر أي: عظة من الله - عز وجل - وإرشاد للثقلين، كما قال تعالى:
إن هو إلا ذكر للعالمين ،
وقرآن مبين أي: كتاب سماوي بين كونه كذلك، أو فارق بين الحق والباطل يقرأ في المحاريب، ويتلى في المعابد، وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدارين، فكم بينه وبين ما قالوا؟