[ ص: 213 ] ( سورة ص مكية، وآياتها ثمان وثمانون آية )
بسم الله الرحمن الرحيم
ص والقرآن ذي الذكر ص بالسكون على الوقف، وقرئ بالكسر والفتح لالتقاء الساكنين، ويجوز أن يكون الفتح بإضمار حرف القسم في موضع الجر، كقولهم : الله لأفعلين بالجر . وأن يكون ذلك نصبا بإضمار اذكر أو اقرأ لا فتحا كما مر في فاتحة سورة البقرة . وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث، لأنها علم للسورة . وقد صرفها من قرأ صاد بالتنوين على أنه اسم الكتاب أو التنزيل . وقيل : هو في قراءة الكسر أمر من المصاداة، وهي المعارضة والمقابلة، ومنها الصدى الذي ينعكس من الأجسام الصلبة بمقابلة الصوت، ومعناه عارض القرآن بعملك فاعمل بأوامره، وانته عن نواهيه، وتخلق بأخلاقه، ثم إن جعل اسما للحرف مسرودا على منهاج التحدي، أو الرمز إلى كلام مثل صدق الله، أو صدق
محمد ، كما نقل عن أكابر السلف . أو اسما للسورة خبرا لمبتدأ محذوف، أو نصبا على إضمار اذكر أو اقرأ، أو أمرا من المصاداة . فـ "الواو" في قوله تعالى :
والقرآن ذي الذكر للقسم، وإن جعل مقسما به، فهي للعطف عليه فإن أريد بالقرآن كله فالمغايرة بينهما حقيقة، وإن أريد عين السورة فهي اعتبارية، كما في قولك : مررت بالرجل الكريم . وبالنسبة المباركة وأيا ما كان ففي التكرير مزيد تأكيد لمضمون الجملة المقسم عليها، والذكر الشرف والنباهة، كما في قوله تعالى :
وإنه لذكر لك ولقومك أو الذكرى والموعظة، أو ذكر ما يحتاج إليه في أمر الدين من الشرائع والأحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبار الأمم الدارجة والوعد والوعيد . وجواب القسم على الوجه الأول والرابع والخامس محذوف، هو ما ينبئ عنه التحدي، والأمر، والإقسام به من كون المتحدى به معجزا، وكون المأمور به واجبا،
وكون المقسم به حقيقا بالإعظام، أي : أقسم بالقرآن، أو بصاد وبه إنه لمعجز ، أو لواجب العمل به، أو لحقيق بالإعظام . وأما على الوجهين الباقيين فهو الكلام المرموز إليه . ونفس الجملة المذكورة قبل القسم فإن التسمية تنويه بشأن المسمى، وتنبيه على عظم خطره، أي : إنه لصادق والقرآن ذي الذكر، أو هذه السورة عظيمة الشأن والقرآن . . . إلخ . على طريقة قولهم : هذا حاتم والله . ولما كان كل واحد من هذه الأجوبة منبئا عن انتفاء الريب عن مضمونه بالكلية إنباء بينما كان قوله تعالى :