صفحة جزء
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار

أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض "أم" منقطعة، وما فيها من بل للإضراب الانتقالي عن تقرير أمر البعث والحساب والجزاء بما مر من نفي خلق العالم خاليا عن الحكم والمصالح إلى تقريره وتحقيقه بما في الهمزة من إنكار التسوية بين الفريقين، ونفيها على أبلغ وجه وآكده، أي : بل أنجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين في أقطار الأرض، كما يقتضيه عدم البعث، وما يترتب عليه من الجزاء لاستواء الفريقين في التمتع بالحياة الدنيا بل الكفرة أوفر حظا منها من المؤمنين لكن ذلك الجعل محال . فتعين البعث والجزاء حتما لرفع الأولين إلى أعلى عليين، ورد الآخرين إلى أسفل سافلين، وقوله تعالى : أم نجعل المتقين كالفجار إضراب، وانتقال عن إثبات ما ذكر بلزوم المحال الذي هو التسوية بين الفريقين المذكورين على الإطلاق إلى إثباته بلزوم ما هو أظهر منه استحالة، وهو التسوية بين أتقياء المؤمنين، وأشقياء الكفرة، وحمل الفجار على فجرة المؤمنين مما لا يساعده المقام، ويجوز أن يراد بهذين الفريقين عين الأولين، ويكون التكرير باعتبار وصفين آخرين هما أدخل في إنكار التسوية من الوصفين الأولين، وقيل : قال كفار قريش للمؤمنين : إنا نعطى في الآخرة من الخير ما تعطون . فنزلت .

التالي السابق


الخدمات العلمية