خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار خلق السماوات والأرض بالحق تفصيل لبعض أفعاله تعالى الدالة على تفرده بما ذكر من الصفات الجليلة، أي : خلقهما وما بينهما من الموجودات ملتبسة بالحق والصواب مشتملة على الحكم والمصالح . وقوله تعالى :
يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل بيان لكيفية تصرفه تعالى فيهما بعد بيان خلقهما، فإن حدوث الليل والنهار في الأرض منوط بتحريك السماوات، أي : يغشى كل واحد منهما الآخر، كأنه يلفه عليه لف اللباس على اللابس، أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفافة، أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا تتابع أكوار العمامة . وصيغة المضارع للدلالة على التجدد .
وسخر الشمس والقمر جعلهما منقادين لأمره تعالى . وقوله تعالى :
كل يجري لأجل مسمى بيان لكيفية تسخيرهما، أي : كل منهما يجري لمنتهى دورته أو منقطع حركته، وقد مر تفصيله غير مرة .
ألا هو العزيز الغالب القادر على كل شيء من الأشياء التي من جملتها عقاب العصاة .
الغفار المبالغ في المغفرة . ولذلك لا يعاجل بالعقوبة وسلب ما في هذه الصنائع البديعة من آثار الرحمة . وتصدير
[ ص: 243 ] الجملة بحرف التنبيه لإظهار كمال الاعتناء بمضمونها .