وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار وكذلك حقت كلمت ربك أي : كما وجب وثبت حكمه تعالى، وقضاؤه بالتعذيب على أولئك الأمم المكذبة المتحزبة على رسلهم، المجادلة بالباطل لإدحاض الحق به وجب أيضا
على الذين كفروا أي : كفروا بك، وتحزبوا عليك، وهموا بما لم ينالوا، كما ينبئ عنه إضافة اسم الرب إلى ضميره صلى الله عليه وسلم . فإن ذلك للإشعار بأن وجوب كلمة العذاب عليهم من أحكام تربيته التي من جملتها نصرته صلى الله عليه وسلم، وتعذيب أعدائه، وذلك إنما يتحقق بكون الموصول عبارة عن كفار قومه لا عن الأمم المهلكة، وقوله تعالى :
أنهم أصحاب النار في حيز النصب بحذف لام التعليل، أي : لأنهم مستحقو أشد العقوبات، وأفظعها التي هي عذاب النار، وملازموها أبدا لكونهم كفارا معاندين متحزبين على الرسول صلى الله عليه وسلم كدأب من قبلهم من الأمم المهلكة، فهم لسائر فنون العقوبات أشد استحقاقا، وأحق استيجابا، وقيل : هو في محل الرفع على أنه بدل من كلمة ربك، والمعنى مثل ذلك
[ ص: 267 ] الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من أصحاب النار، أي : كما وجب إهلاكهم في الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار في الآخرة، ومحل الكاف على التقديرين النصب على أنه نعت لمصدر محذوف .