إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون إن الذين كفروا شروع في بيان أحوال الكفرة بعد دخول النار بعدما بين فيما سبق أنهم أصحاب النار .
ينادون أي : من مكان بعيد . وهم في النار، وقد مقتوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي وقعوا فيما وقعوا باتباع هواها، أو مقت بعضهم بعضا من الأحباب، كقوله تعالى :
يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا أي : أبغضوها أشد البغض، وأنكروها أبلغ الإنكار، وأظهروا ذلك على رءوس الأشهاد، فيقال لهم عند ذلك :
لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم أي : لمقت الله أنفسكم الأمارة بالسوء، أو مقته إياكم في الدنيا .
إذ تدعون من جهة الأنبياء .
إلى الإيمان فتأبون قبوله
فتكفرون اتباعا لأنفسكم الأمارة، ومسارعة إلى هواها، أو اقتداء بأخلائكم المضلين، واستحبابا لآرائهم أكبر من مقتكم أنفسكم الأمارة، أو من مقت بعضكم بعضا
[ ص: 269 ] اليوم، "فإذا" ظرف للمقت الأول، وإن توسط بينهما الخبر لما في الظروف من الاتساع، وقيل : لمصدر آخر مقدر، أي : مقته إياكم إذ تدعون، وقيل : مفعول لـ "اذكروا" والأول هو الوجه . وقيل : كلا المقتين في الآخرة، و "إذ تدعون" تعليل لما بين الظرف والسبب من علاقة اللزوم، والمعنى لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقتكم أنفسكم لما كنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون، وتخصيص هذا الوجه بصورة كون المراد بأنفسهم أضرابهم مما لا داعي إليه .