ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون
وقوله تعالى:
ولن ينفعكم ...إلخ حكاية لما سيقال لهم حينئذ من جهة الله عز وجل توبيخا وتقريعا أي: لن ينفعكم.
اليوم أي: يوم القيامة
[ ص: 48 ] تمنيكم لمباعدتهم.
إذ ظلمتم أي: لأجل ظلمكم أنفسكم في الدنيا باتباعكم إياهم في الكفر والمعاصي، وقيل: "إذ ظلمتم" بدل من "اليوم" أي: إذ تبين عندكم وعند الناس جميعا أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا، وعليه قول من قال: [إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة] أي: تبين أني لم تلدني لئيمة بل كريمة، وقوله تعالى:
أنكم في العذاب مشتركون تعليل لنفي النفع أي: لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه في الدنيا ويجوز أن يسند الفعل إليه لكن لا بمعنى لن ينفعكم اشتراككم في العذاب كما ينفع الواقعين في شدائد الدنيا اشتراكهم فيها لتعاونهم في تحمل أعبائها وتقسمهم لعنائها لأن لكل منهم ما لا تبلغه طاقته كما قيل، لأن الانتفاع بذلك الوجه ليس مما يخطر ببالهم حتى يرد عليهم بنفيه بل بمعنى لن يحصل لكم التشفي بكون قرنائكم معذبين مثلكم حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم: ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا، وقولكم: فآتهم عذابا ضعفا من النار ونظائرهما لتتشفوا بذلك.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبالغ في المجاهدة في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيا وتعاميا عما يشاهدونه من شواهد النبوة وتصاما عما يسمعونه من بينات القرآن فنزل: