صفحة جزء
رحمة من ربك إنه هو السميع العليم

وقوله تعالى: رحمة من ربك غاية للإرسال متأخرة عنه، على أن المراد بها: الرحمة الواصلة إلى العباد باعث متقدم عليه على أن المراد مبدؤها أي: إنا أنزلنا القرآن لأن من عادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى العباد لأجل إفاضة رحمتنا عليهم أو لاقتضاء رحمتنا السابقة إرسالهم، ووضع الرب موضع الضمير للإيذان بأن ذلك من أحكام الربوبية ومقتضياتها وإضافته إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لتشريفه أو تعليل لـ"يفرق" أو لقوله تعالى: أمرا على أن قوله تعالى: رحمة مفعول للإرسال كما في قوله تعالى: وما يمسك فلا مرسل له أي: يفرق فيها كل أمر أو تصدر الأوامر من عندنا لأن من عادتنا إرسال رحمتنا، ولا ريب في أن كلا من قسمة الأرزاق وغيرها والأوامر الصادرة منه تعالى من باب الرحمة فإن الغاية لتكليف العبادة تعريضهم للمنافع، وقرئ "رحمة" بالرفع أي: تلك رحمة. وقوله تعالى: إنه هو السميع العليم تحقيق لربوبيته تعالى وأنها لا تحق إلا لمن هذه نعوته.

التالي السابق


الخدمات العلمية