ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ذلك إشارة إلى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال، وهو مبتدأ
[ ص: 92 ] خبره قوله تعالى:
بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم أي: ذلك كائن بسبب أن الأولين اتبعوا الشيطان كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد فبيان سببية اتباعه للإضلال المذكور متضمن لبيان سببيتهما له لكونه أصلا مستتبعا لهما قطعا وبسبب أن الآخرين اتبعوا الحق الذي لا محيد عنه كائنا من ربهم ففعلوا ما فعلوا من الإيمان به وبكتابه ومن الأعمال الصالحة فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الإشعار بسببية الإيمان والعمل الصالح له متضمن لبيان سببيتهما له لكونه مبدأ ومنشأ لهما حتما فلا تدافع بين الإشعار والتصريح في شيء من الموضعين، ويجوز أن يحمل الباطل ما يقابل الحق وهو الزائل الذاهب الذي لا أصل له أصلا فالتصريح بسببية اتباعه لإضلال أعمالهم وإبطالها لبيان أن إبطالها لبطلان مبناها وزواله وأما حمله على ما لا ينتفع به فليس كما ينبغي لما أن الكفر والصد أفحش منه فلا وجه للتصريح بسببيته لما ذكر من إضلال أعمالهم بطريق القصر بعد الإشعار بسببيتهما له فتدبر، ويجوز أن يراد بالباطل نفس الكفر والصد وبالحق نفس الإيمان والأعمال الصالحة; فيكون التنصيص على سببيتهما لما ذكر من الإضلال ومن التكفير والإصلاح تصريحا بالسببية المشعر بها في الموقعين.
كذلك أي: مثل ذلك الضرب البديع.
يضرب الله أي: يبين.
للناس أمثالهم أي: أحوال الفريقين وأوصافهما الجارية في الغرابة مجرى الأمثال وهي اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم.