فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم فهل عسيتم ...إلخ بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع أي: هل يتوقع منكم.
إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم.
أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا فإن من شاهد أحوالكم الدالة على الضعف في الدين والحرص على الدنيا حين أمرتم بالجهاد الذي هو عبارة عن إحراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وأنتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم إذا أطلقت أعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الإفساد وقطع الأرحام. وقيل: إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضا ووأد البنات، وفيه أن الواقع في حيز الشرط في مثل هذا المقام لابد أن تكون محذوريته باعتبار ما يستتبعه من المفاسد لا باعتبار ذاته، ولا ريب في أن الإعراض عن الإسلام رأس كل شر وفساد فحقه أن يجعل عمدة في التوبيخ لا وسيلة للتوبيخ بما دونه من المفاسد. وقرئ "وليتم" على البناء للمفعول أي: جعلتم ولاة، وقرئ "توليتم" أي: تولاكم ولاة جور خرجتم معهم وساعدتموهم في الإفساد وقطيعة الرحم، وقرئ "وتقطعوا" من التقطع بحذف إحدى التاءين فانتصاب "أرحامكم" حينئذ على نزع الجار أي: في أرحامكم، وقرئ "وتقطعوا" من القطع وإلحاق الضمير بـ"عسى" لغة أهل
الحجاز، وأما بنو
[ ص: 99 ] تميم فيقولون: عسى أن تفعل وعسى أن تفعلوا.