إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أي: من خارجها من خلفها أو قدامها و"من" ابتدائية دالة على أن المناداة نشأت من جهة الوراء وأن المنادى داخل الحجرة لوجوب اختلاف المبدإ والمنتهى بحسب الجهة بخلاف ما لو قيل: ينادونك وراء الحجرات، وقرئ "الحجرات" بفتح الجيم وبسكونها وثلاثتها جمع حجرة وهي القطعة من الأرض المحجورة بالحائط ولذلك يقال لحظيرة الإبل حجرة وهي فعلة من الحجر بمعنى مفعول كالغرفة والقبضة والمراد بها: حجرات أمهات المؤمنين ومناداتهم من ورائها إما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه عليه الصلاة والسلام من ورائها أو بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه الصلاة والسلام فنادوه
[ ص: 118 ] بعض من وراء هذه وبعض من وراء تلك فأسند فعل الأبعاض إلى الكل، وقد جوز أن يكونوا قد نادوه من وراء الحجرة التي كان عليه الصلاة والسلام فيها ولكنها جمعت إجلالا له عليه الصلاة والسلام. وقيل: إن الذي ناداه
عيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا من
بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا: يا
محمد اخرج إلينا، وإنما أسند النداء إلى الكل لأنهم رضوا بذلك أو أمروا به لأنه وجد فيما بينهم.
أكثرهم لا يعقلون إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب.