فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم فانقلبوا عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام، أي: فخرجوا إليهم ووافوا الموعد. روي أنه عليه الصلاة والسلام وافى بجيشه
بدرا وأقام بها ثماني ليال وكانت معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيرا كثيرا، والباء في قوله تعالى:
بنعمة متعلقة بمحذوف وقع حالا من الضمير في "فانقلبوا" والتنوين للتفخيم، أي: فرجعوا من مقصدهم ملتبسين بنعمة عظيمة لا يقادر قدرها. وقوله عز وجل:
من الله متعلق بمحذوف وقع صفة لـ"نعمة" مؤكدة لفخامتها الذاتية التي يفيدها التنكير بالفخامة الإضافية، أي: كائنة من الله تعالى، وهي العافية والثبات على الإيمان والزيادة فيه وحذر العدو منهم.
وفضل أي: ربح في التجارة وتنكيره أيضا للتفخيم.
لم يمسسهم سوء حال أخرى من الضمير في
"فانقلبوا" أو من المستكن في الحال كأنه قيل: منعمين حال كونهم سالمين عن السوء، والحال إذا كان مضارعا منفيا بـ"لم" وفيه ضمير ذي الحال جاز فيه دخول الواو كما في قوله تعالى:
أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء وعدمه كما في هذه الآية الكريمة وفي قوله تعالى:
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا .
واتبعوا في كل ما أتوا من قول وفعل.
رضوان الله الذي هو مناط الفوز بخير الدارين.
والله ذو فضل عظيم حيث تفضل عليهم
[ ص: 115 ] بالتثبيت وزيادة الإيمان والتوفيق للمبادرة إلى الجهاد والتصلب في الدين وإظهار الجراءة على العدو وحفظهم عن كل ما يسوءهم مع إصابة النفع الجليل، وفيه تحسير لمن تخلف عنهم وإظهار لخطإ رأيهم حيث حرموا أنفسهم ما فاز به هؤلاء. وروي أنهم قالوا: هل يكون هذا غزوا فأعطاهم الله تعالى ثواب الغزو ورضي عنهم.