ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ذلك أي: ما أداهم إلى ما هم فيه من التولي وقصر الإرادة على الحياة الدنيا.
مبلغهم من العلم لا يكادون يجاوزونه إلى غيره حتى تجديهم الدعوة والإرشاد، وجمع الضمير في مبلغهم باعتبار معنى من كما أن إفراده فيما سبق باعتبار لفظها، والمراد بالعلم: مطلق الإدراك المنتظم للظن الفاسد والجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا. وقوله تعالى:
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى تعليل للأمر بالإعراض وتكرير قوله تعالى:
هو أعلم لزيادة التقرير والإيذان بكمال تباين المعلومين والمراد بمن ضل: من أصر عليه ولم يرجع إلى الهدى أصلا، وبمن اهتدى من من شأنه الاهتداء في الجملة أي: هو المبالغ في العلم بمن لا يرعوي عن الضلال أبدا وبمن يقبل الاهتداء في الجملة لا غيره فلا تتعب نفسك في دعوتهم فإنهم من القبيل الأول، وفي تعليل الأمر بإعراضه عليه السلام عن الاعتناء بأمرهم باقتصار العلم بأحوال الفريقين عليه تعالى رمز إلى أنه تعالى يعاملهم بموجب علمه بهم فيجزي كلا منهم بما يليق به من الجزاء ففيه وعيد ووعد ضمنا كما سيأتي صريحا.