58- سورة المجادلة
مدنية وهي اثنتان وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير قد سمع الله بإظهار الدال وقرئ بإدغامها في السين.
قول التي تجادلك في زوجها أي: تراجعك الكلام في شأنه وفيما صدر عنه في حقها من الظهار، وقرئ "تحاورك" و" تحاولك" أي: تسائلك.
وتشتكي إلى الله عطف على "تجادلك" أي: تتضرع إليه تعالى، وقيل: حال من فاعله أي: تجادلك وهي متضرعة إليه تعالى وهي
خولة بنت ثعلبة بن مالك بن خزامة الخزرجية ظاهر عنها زوجها أوس بن الصامت أخو nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة ثم ندم على ما قال فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت علي فشق عليها ذلك فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: حرمت عليه فقالت: يا رسول الله ما ذكر طلاقا فقال: حرمت عليه - وفي رواية ما أراك إلا قد حرمت عليه في المرار كلها فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووجدي وجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما قال عليه الصلاة والسلام: حرمت عليه هتفت وشكت إلى الله تعالى فنزلت، وفي كلمة "قد" إشعار بأن الرسول عليه الصلاة والسلام والمجادلة كانا يتوقعان أن ينزل الله تعالى حكم الحادثة ويفرج عنها كربها كما يلوح به ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لها عند استفتائها:
ما عندي في أمرك شيء وأنها كانت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: أشكو إليك فأنزل على لسان نبيك ومعنى سمعه تعالى لقولها إجابة دعائها لا مجرد علمه تعالى بذلك كما هو المعني بقوله تعالى:
والله يسمع تحاوركما أي: يعلم تراجعكما الكلام، وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع حسب استمرار التحاور وتجدده وفي نظمها في سلك الخطاب تغليبا تشريف لها من جهتين والجملة استئناف جار مجرى التعليل لما قبله فإن إلحافها في المسألة ومبالغتها في التضرع إلى الله تعالى ومدافعته عليه الصلاة والسلام إياها بجواب منبئ عن التوقف وترقب الوحي وعلمه تعالى بحالها من دواعي الإجابة، وقيل:
[ ص: 216 ]
هي حال -وهو بعيد - وقوله عز وجل:
إن الله سميع بصير تعليل لما قبله بطريق التحقيق أي: مبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات ومن قضيته أن يسمع تحاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات التي من جملتها رفع رأسها إلى السماء وسائر آثار التضرع، وإظهار الاسم الجليل في الموقعين لتربية المهابة وتعليل الحكم بوصف الألوهية وتأكد استقلال الجملتين.