ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ألم تر إلى الذين نافقوا حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجيب منها بعد حكاية محاسن أحوال المؤمنين وأقوالهم على اختلاف طبقاتهم، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب، وقوله تعالى:
يقولون ...إلخ. استئناف لبيان المتعجب منه وصيغة المضارع للدلالة على استمرار قولهم أو لاستحضار صورته واللام في قوله تعالى:
لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب للتبليغ والمراد بأخوتهم: إما توافقهم في الكفر أو صداقتهم وموالاتهم، واللام في قوله تعالى:
لئن أخرجتم أي: من دياركم قسرا ، موطئة للقسم، وقوله تعالى:
لنخرجن معكم جواب القسم ، أي: والله لئن أخرجتم لنخرجن معكم البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم.
ولا نطيع فيكم أي: في شأنكم.
أحدا يمنعنا من الخروج معكم.
أبدا وإن طال الزمان، وقيل: لا نطيع في قتالكم أو خذلانكم وليس بذاك لأن تقدير القتال مترقب بعد ولأن وعدهم لهم على ذلك التقدير ليس مجرد عدم طاعتهم لمن يدعوهم إلى قتالهم بل نصرتهم عليه كما ينطق به قوله تعالى:
وإن قوتلتم لننصرنكم أي: لنعاوننكم على عدوكم على أن دعوتهم إلى خذلان اليهود مما لا يمكن صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين حتى يدعوا عدم طاعتهم فيها ضرورة أنها لو كانت لكانت عند استعدادهم لنصرتهم وإظهار كفرهم، ولا ريب في أن ما يفعله عليه الصلاة والسلام عند ذلك قتلهم لا دعوتهم إلى ترك نصرتهم، وأما الخروج معهم فليس بهذه المرتبة من إظهار الكفر لجواز أن يدعوا أن خروجهم معهم لما بينهم من الصداقة الدنيوية لا للموافقة في الدين.
والله يشهد إنهم لكاذبون في مواعيدهم المؤكدة بالأيمان الفاجرة.