صفحة جزء
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا

فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه حكاية لما صدر عن أسلافهم عقيب وقع المحكي من غير أن يكون له دخل في الإلزام الذي سيق له الكلام، أي: فمن جنس [ ص: 191 ] هؤلاء الحاسدين وآبائهم من آمن بما أوتي آل إبراهيم ومنهم من أعرض عنه، وأما جعل الضميرين لما ذكر من حديث آل إبراهيم فيستدعي تراخي الآية الكريمة عما قبلها نزولا. كيف لا؟ وحكاية إيمانهم بالحديث المذكور وإعراضهم عنه بصيغة الماضي إنما يتصور بعد وقوع الإيمان والإعراض المتأخرين عن سماع الحديث المتأخر عن نزوله وكذا جعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم; إذ الظاهر بيان حالهم بعد هذا الإلزام وحمله على حكاية حالهم السابقة تساعده الفاء المرتبة لما بعدها على ما قبلها ولا يبعد كل البعد أن تكون الهمزة لتقرير حسدهم وتوبيخهم بذلك. ويكون قوله تعالى: فقد آتينا الآية تعليلا له بدلالته على إعراضهم عما أوتي آل إبراهيم وإن لم يذكر كونه بطريق الحسد كأنه قيل: بل أيحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يؤمنون به وذلك ديدنهم المستمر فإنا قد آتينا آل إبراهيم ما آتينا فمنهم أي: من جنسهم من آمن بما آتيناهم ومنهم من أعرض عنه ولم يؤمن به والله سبحانه أعلم وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكفى بجهنم سعيرا نارا مسعرة يعذبون بها والجملة تذييل لما قبلها.

التالي السابق


الخدمات العلمية