بأرعن مثل الطود تحسب أنهم... وقوف لحاج والركاب تهملج
وقد أدمج في هذا التشبيه تشبيه حال الجبال بحال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها، كما ينطق به قوله تعالى: وتكون الجبال كالعهن المنفوش يبدل الله تعالى الأرض ويغير هيأتها، ويسير الجبال على تلك الهيئة الهائلة عند حشر الخلائق بعد النفخة الثانية ليشاهدوها، ثم يفرقها في الهواء، وذلك قوله تعالى: فكانت سرابا أي: فصارت بعد تسييرها مثل السراب، كقوله تعالى: وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا أي: غبارا منتشرا، وهي وإن اندكت وتصدعت عند النفخة الأولى، لكن تسييرها وتسوية الأرض، إنما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى: ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي وقوله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار فإن اتباع الداعي الذي هو إسرافيل عليه السلام، وبروز الخلق لله تعالى، لا يكون إلا بعد النفخة الثانية.