خلق الإنسان من علق خلق الإنسان على الأول تخصيص لخلق الإنسان بالذكر من بين سائر المخلوقات؛ لاستقلاله ببدائع الصنع والتدبير، وعلى الثاني إفراد للإنسان من بين سائر المخلوقات بالبيان وتفخيم لشأنه؛ إذ هو أشرفهم وإليه التنزيل، وهو المأمور بالقراءة، ويجوز أن يراد بالفعل الأول أيضا خلق الإنسان ويقصد بتجريده عن المفعول الإبهام، ثم التفسير روما لتفخيم فطرته، وقوله تعالى:
من علق أي: دم جامد
لبيان كمال قدرته تعالى بإظهار ما بين حالته الأولى والآخرة من التباين البين ، وإيراده بلفظ الجمع بناء على أن الإنسان في معنى الجمع لمراعاة الفواصل، ولعله هو السر في تخصيصه بالذكر من بين سائر أطوار الفطرة الإنسانية مع كون النطفة والتراب أدل منه على كمال القدرة؛ لكونهما أبعد منه بالنسبة إلى الإنسانية، ولما كان خلق الإنسان أول النعم الفائضة عليه عليه الصلاة والسلام منه تعالى
[ ص: 178 ] وأقدم الدلائل الدالة على وجوده عز وجل وكمال قدرته وعلمه وحكمته، وصف ذاته تعالى بذلك أولا ليستشهد عليه السلام به على تمكينه تعالى له من القراءة، ثم كرر الأمر بقوله تعالى: