الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا: ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا: ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا الذين يتربصون بكم تلوين للخطاب وتوجيه له إلى المؤمنين بتعديد بعض آخر من جنايات المنافقين وقبائحهم وهو إما بدل من "الذين يتخذون" أو صفة للمنافقين فقط; إذ هم المتربصون دون الكافرين أو مرفوع أو منصوب على الذم أي: ينتظرون أمركم وما يحدث لكم من ظفر أو إخفاق، والفاء في قوله تعالى:
فإن كان لكم فتح من الله لترتيب مضمونه على ما قبلها فإن حكاية تربصهم مستتبعة لحكاية ما يقع بعد ذلك كما أن نفس التربص يستدعي شيئا ينتظر المتربص وقوعه.
قالوا أي: لكم.
ألم نكن معكم أي: مظاهرين لكم فأسهموا لنا في الغنيمة.
وإن كان للكافرين نصيب من الحرب فإنها سجال.
قالوا أي: للكفرة.
ألم نستحوذ عليكم أي: ألم نغلبكم ونتمكن من قتالكم وأسركم فأبقينا عليكم.
ونمنعكم من المؤمنين بأن ثبطناهم عنكم وخيلنا لهم ما ضعفت به قلوبهم ومرضوا في قتالكم وتوانينا في مظاهرتهم وإلا لكنتم نهبة للنوائب فهاتوا نصيبا لنا مما أصبتم وتسمية ظفر المسلمين فتحا وما للكافرين نصيبا لتعظيم شأن المسلمين وتخسيس حظ الكافرين، وقرئ "ونمنعكم" بإضمار أن.
فالله يحكم بينكم يوم القيامة حكما يليق بشأن كل منكم من الثواب والعقاب وأما في الدنيا فقد أجرى على من تفوه بكلمة الإسلام حكمه ولم يضع السيف على من تكلم بها نفاقا.
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا حينئذ كما قد يجعل ذلك في الدنيا بطريق الابتلاء والاستدراج أو في الدنيا على أن المراد بالسبيل: الحجة.