فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فطوعت له نفسه قتل أخيه ; أي : وسعته وسهلته ، من طاع له المرتع : إذا اتسع . وترتيب التطويع على ما حكي من مقالات
هابيل مع تحققه قبلها أيضا ، كما يفصح عنه قوله : " لأقتلنك " ، لما أن بقاء الفعل بعد تقرر ما يزيله من الدواعي القوية ، وإن كان استمرارا عليه بحسب الظاهر ، لكنه في الحقيقة أمر حادث وصنع جديد ، كما في قولك : وعظته فلم يتعظ ، أو لأن هذه المرتبة من التطويع لم تكن حاصلة قبل ذلك ، بناء على تردده في قدرته على القتل ، لما أنه كان أقوى منه ، وإنما حصلت بعد وقوفه على استسلام
هابيل وعدم معارضته له ، والتصريح بأخوته لكمال تقبيح ما سولته نفسه . وقرئ : ( فطاوعت ) على أنه فاعل بمعنى فعل ، أو على أن قتل أخيه ، كأنه دعى نفسه إلى الإقدام عليه ، فطاوعته ولم تمتنع ، و" له " لزيادة الربط ، كقولك : حفظت لزيد ما له .
فقتله قيل : لم يدر
قابيل كيف يقتل
هابيل ، فتمثل إبليس وأخذ طائرا ، ووضع رأسه على حجر ثم شدخها بحجر آخر فتعلم منه ، فرضخ رأس
هابيل بين حجرين وهو مستسلم لا يستعصي عليه . وقيل : اغتاله وهو نائم ، وكان
لهابيل يوم قتل عشرون سنة ، واختلف في موضع قتله ، فقيل : عند
عقبة حراء ، وقيل :
بالبصرة في موضع المسجد الأعظم ، وقيل : في
جبل بود . ولما قتله تركه بالعراء لا يدري ما يصنع به ، فخاف عليه السباع ، فحمله في جراب على ظهره أربعين يوما ، وقيل : سنة ، حتى أروح وعكفت عليه الطيور والسباع تنظر متى يرمي به فتأكله .
فأصبح من الخاسرين دينا ودنيا .