وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون وكتبنا عطف على " أنزلنا التوراة " .
[ ص: 43 ] عليهم ; أي : على الذين هادوا . وقرئ : ( وأنزل الله على بني إسرائيل ) .
فيها ; أي : في التوراة .
أن النفس بالنفس أن تقاد بها إذا قتلها بغير حق .
والعين تفقأ
بالعين إذا فقئت بغير حق .
والأنف يجدع
بالأنف المقطوع بغير حق .
والأذن تصلم
بالأذن المقطوعة ظلما .
والسن تقلع
بالسن المقلوعة بغير حق .
والجروح قصاص ; أي : ذات قصاص إذا كانت بحيث تعرف المساواة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ، فنزلت . وقرئ : ( وإن الجروح قصاص ) . وقرئ : ( والعين ) إلى آخره بالرفع ، عطفا على محل " أن النفس " ; لأن المعنى : كتبنا عليهم النفس بالنفس ، إما لإجراء " كتبنا " مجرى قلنا ، وإما لأن معنى الجملة التي هي قولك : النفس بالنفس ، مما يقع عليه الكتب ، كما يقع عليه القراءة ، تقول : كتبت الحمد لله ، وقرأت :
سورة أنزلناها .
فمن تصدق ; أي : من المستحقين .
به ; أي : بالقصاص ; أي : فمن عفا عنه ، والتعبير عنه بالتصدق للمبالغة في الترغيب فيه .
فهو ; أي : التصدق .
كفارة له ; أي : للمتصدق يكفر الله تعالى بها ذنوبه . وقيل : للجاني إذا تجاوز عنه صاحب الحق ، سقط عنه ما لزمه . وقرئ : ( فهو كفارته له ) ; أي : فالمتصدق كفارته التي يستحقها بالتصدق له لا ينقص منها شيء ، وهو تعظيم لما فعل ، كقوله تعالى :
فأجره على الله .
ومن لم يحكم كائنا من كان ، فيتناول من لا يرى قتل الرجل بالمرأة من اليهود تناولا بينا .
بما أنزل الله من الأحكام والشرائع كائنا ما كان ، فيدخل فيها الأحكام المحكية دخولا أوليا .
فأولئك هم الظالمون المبالغون في الظلم ، المتعدون لحدوده تعالى ، الواضعون للشيء في غير موضعه ، والجملة تذييل مقرر لإيجاب العمل بالأحكام المذكورة .