لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون لعن الذين كفروا ; أي : لعنهم الله عز وجل ، وبناء الفعل للمفعول للجري على سنن الكبرياء .
من بني إسرائيل متعلق بمحذوف وقع حالا من الموصول ، أو من فاعل كفروا .
وقوله تعالى :
على لسان داود وعيسى ابن مريم متعلق بلعن ; أي : لعنهم الله تعالى في الزبور والإنجيل على لسانهما . وقيل : إن أهل
أيلة لما اعتدوا في السبت ، دعا عليهم
داود عليه السلام وقال : اللهم العنهم واجعلهم آية ; فمسخهم الله قردة . وأصحاب المائدة لما كفروا ، قال
عيسى عليه السلام : اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين ، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت ; فأصبحوا خنازير ، وكانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم امرأة ولا صبي .
ذلك إشارة إلى اللعن المذكور ، وإيثاره على الضمير للتنبيه على كمال ظهوره ، وامتيازه عن نظائره ، وانتظامه بسببه في سلك الأمور المشاهدة ، وما فيه من معنى البعد للإيذان بكمال فظاعته ، وبعد درجته في الشناعة والهول ، وهو مبتدأ خبره قوله تعالى :
بما عصوا وكانوا يعتدون والجملة مستأنفة واقعة موقع الجواب عما نشأ من الكلام ، كأنه قيل : بأي سبب وقع ذلك ؟ فقيل : ذلك اللعن الهائل الفظيع بسبب عصيانهم واعتدائهم المستمر ، كما يفيده الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل .