وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق كلام مستأنف قالوه تحقيقا لإيمانهم ، وتقريرا له بإنكار سبب انتفائه ونفيه بالكلية ، على أن قوله تعالى : "
لا نؤمن " حال من الضمير في "
لنا " ، والعامل ما فيه من الاستقرار ; أي : أي شيء حصل لنا ،
[ ص: 73 ] غير مؤمنين على توجيه الإنكار .
والنفي إلى السبب والمسبب جميعا ، كما في قوله تعالى :
وما لي لا أعبد الذي فطرني ونظائره ، لا إلى السبب فقط مع تحقق المسبب ، كما في قوله تعالى :
فما لهم لا يؤمنون وأمثاله ; فإن همزة الاستفهام كما تكون تارة لإنكار الواقع كما في : أتضرب أباك ؟ وأخرى لإنكار الوقوع كما في : أأضرب أبي ؟
كذلك " ما " الاستفهامية قد تكون لإنكار سبب الواقع ونفيه فقط ، كما في الآية الثانية ، وقوله تعالى :
ما لكم لا ترجون لله وقارا ; فيكون مضمون الجملة الحالية محققا ، فإن كلا من عدم الإيمان وعدم الرجاء أمر محقق قد أنكر ونفي سببه ، وقد يكون الإنكار سبب الوقوع ونفيه ، فيسريان إلى المسبب أيضا ، كما في الآية الأولى ، فيكون مضمون الجملة الحالية مفروضا قطعا ، فإن عدم العبادة أمر مفروض حتما .
وقوله تعالى :
ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين حال أخرى من الضمير المذكور بتقدير مبتدأ ، والعامل فيها هو العامل في الأولى مقيدا بها ; أي : أي شيء حصل لنا غير مؤمنين ، ونحن نطمع في صحبة الصالحين ، أو من الضمير في " لا نؤمن " على معنى أنهم أنكروا على أنفسهم عدم إيمانهم ، مع أنهم يطمعون في صحبة المؤمنين . وقيل : معطوف على " نؤمن " على معنى : وما لنا نجمع بين ترك الإيمان وبين الطمع المذكور .