وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو لما حقق فيما سبق أن وراء الحياة الدنيا حياة أخرى يلقون فيها من الخطوب ما يلقون ، بين بعده حال تينك الحياتين في أنفسهما ، واللعب :
[ ص: 126 ] عمل يشغل النفس ويفطرها عما تنتفع به ، واللهو : صرفها عن الجد إلى الهزل ، والمعنى : إما على حذف المضاف ، أو على جعل الحياة الدنيا نفس اللعب واللهو مبالغة ، كما في قول
الخنساء :
فإنما هي إقبال وإدبار
أي : وما أعمال الدنيا ; أي : الأعمال المتعلقة بها من حيث هي هي ، أو وما هي من حيث إنها محل لكسب تلك الأعمال ، إلا لعب يشغل الناس ويلهيهم بما فيه من منفعة سريعة الزوال ، ولذة وشيكة الاضمحلال عما يعقبهم منفعة جليلة باقية ، ولذة حقيقية غير متناهية من الإيمان والعمل الصالح .
وللدار الآخرة التي هي محل الحياة الأخرى .
خير للذين يتقون الكفر والمعاصي ; لأن منافعها خالصة عن المضار ، ولذاتها غير منغصة بالآلام ، مستمرة على الدوام .
أفلا تعقلون ذلك حتى تتقوا ما أنتم عليه من الكفر والعصيان ، والفاء للعطف على مقدر ; أي : أتغفلون فلا تعقلون ، أو ألا تتفكرون فتعقلون ، وقرئ : ( يعقلون ) على الغيبة .