قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ
وقوله تعالى :
قد جاءكم بصائر من ربكم استئناف وارد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم . والبصائر : جمع بصيرة ، وهي النور الذي به تستبصر النفس ، كما أن البصر : نور به تبصر العين ، والمراد بها : الآية الواردة ههنا ، أو جميع الآيات المنتظمة لها انتظاما أوليا .
و" من " لابتداء الغاية مجازا ، سواء تعلقت بجاء ، أو بمحذوف هو صفة لبصائر ، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار كمال اللطف بهم ; أي : أي قد جاءكم من جهة مالككم ومبلغكم إلى كمالكم اللائق بكم من الوحي الناطق بالحق والصواب ما هو كالبصائر للقلوب ، أو قد جاءكم بصائر كائنة من ربكم .
فمن أبصر ; أي : الحق بتلك البصائر وآمن به .
فلنفسه ; أي : فلنفسه أبصر ، أو فإبصاره لنفسه ; لأن نفعه مخصوص بها .
ومن عمي ; أي : ومن لم يبصر الحق بعد ما ظهر له بتلك البصائر ظهورا بينا وضل عنه ، وإنما عبر عنه بالعمى تقبيحا له وتنفيرا عنه .
فعليها ; أي : فعليها عمي ، أو فعماه عليها ، أو وبال عماه .
وما أنا عليكم بحفيظ وإنما أنا منذر ، والله هو الذي يحفظ أعمالكم ويجازيكم عليها .