فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين فإن كذبوك قيل : الضمير لليهود ; لأنهم أقرب ذكرا ، ولذكر المشركين بعد ذلك بعنوان الإشراك ، وقيل : للمشركين ; فالمعنى على الأول : إن كذبتك اليهود في الحكم المذكور ، وأصروا على ما كانوا عليه من ادعاء قدم التحريم ،
فقل لهم .
ربكم ذو رحمة واسعة لا يؤاخذكم بكل ما تأتونه من المعاصي ، ويمهلكم على بعضها .
ولا يرد بأسه بالكلية .
عن القوم المجرمين فلا تنكروا ما وقع منه تعالى من تحريم بعض الطيبات عليكم عقوبة وتشديدا .
وعلى الثاني : فإن كذبك المشركون فيما فصل من أحكام التحليل والتحريم ، فقل لهم : ربكم ذو رحمة واسعة ، لا يعاجلكم بالعقوبة على تكذيبكم ، فلا تغتروا بذلك ، فإنه إمهال لا إهمال .
وقيل : ذو رحمة للمطيعين ، وذو بأس شديد على المجرمين ، فأقيم مقامه قوله تعالى : "
ولا يرد بأسه ... " إلخ ; لتضمنه التنبيه على إنزال البأس عليهم ، مع الدلالة أنه لاحق بهم البتة من غير صارف يصرفه عنهم أصلا .