ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ثم آتينا موسى الكتاب كلام مسوق من جهته تعالى تقريرا للوصية وتحقيقا لها ، وتمهيدا لما يعقبه من ذكر إنزال القرآن المجيد ، كما ينبئ عنه تغيير الأسلوب بالالتفات إلى التكلم ، معطوف على مقدر يقتضيه المقام ويستدعيه النظام ، كأنه قيل بعد قوله تعالى : " ذلكم
[ ص: 201 ] وصاكم به " بطريق الاستئناف ، تصديقا له وتقريرا لمضمونه : فعلنا ذلك ثم آتينا ... إلخ ، كما أن قوله تعالى :
ونطبع على قلوبهم معطوف على ما يدل عليه معنى
أولم يهد ... إلخ ، كأنه قيل : يغفلون عن الهداية ونطبع ... إلخ .
وأما عطفه على "
ذلكم وصاكم به " ، ونظمه معه في سلك الكلام الملقن كما أجمع عليه الجمهور ، فمما لا يليق بجزالة النظم الكريم ، فتدبر .
و" ثم " للتراخي في الإخبار ، كما في قولك : بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب ، أو للتفاوت في الرتبة ، كأنه قيل : ذلكم وصاكم به قديما وحديثا ، ثم أعظم من ذلك أنا آتينا
موسى التوراة ، فإن إيتاءها مشتملة على الوصية المذكورة وغيرها ، أعظم من التوصية بها فقط .
تماما للكرامة والنعمة ; أي : إتماما لهما على أنه مصدر من أتم بحذف الزوائد .
على الذي أحسن ; أي : على من أحسن القيام به كائنا من كان ، ويؤيده أنه قرئ : ( على الذين أحسنوا ) ، وتماما على المحسنين ، أو على الذي أحسن تبليغه ، وهو
موسى عليه السلام ، أو تماما على ما أحسنه
موسى عليه السلام ; أي : أجاده من العلم والشرائع ; أي : زيادة على علمه على وجه التتميم .
وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ; أي : على الذي هو أحسن دين وأرضاه ، أو آتينا
موسى الكتاب تماما ; أي : تاما كاملا على أحسن ما يكون عليه الكتب .
وتفصيلا لكل شيء وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج إليه في الدين ، وهو عطف على تماما ، ونصبهما إما على العلية ، أو على المصدرية كما أشير إليه ، أو على الحالية ، وكذا قوله تعالى :
وهدى ورحمة .
وضمير
لعلهم لبني إسرائيل المدلول عليهم بذكر
موسى وإيتاء الكتاب .
والباء في قوله تعالى :
بلقاء ربهم متعلقة بقوله تعالى :
يؤمنون قدمت عليه محافظة على الفواصل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : كي يؤمنوا بالبعث ويصدقوا بالثواب والعذاب .