وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون وكم من قرية أهلكناها شروع في إنذارهم بما جرى على الأمم الماضية ; بسبب إعراضهم عن اتباع الله تعالى ، وإصرارهم على اتباع دين أوليائهم ، و" كم " خبرية للتكثير في موضع رفع على الابتداء ، كما في قولك : زيد ضربته ، والخبر هو الجملة بعدها .
و" من قرية " تمييز ، والضمير في " أهلكناها " راجع إلى معنى " كم " ; أي : كثير من القرى أهلكناها ، أو في موضع نصب بأهلكناها ، كما في قوله تعالى :
إنا كل شيء خلقناه بقدر ، والمراد بإهلاكها : إرادة إهلاكها ، كما في قوله تعالى :
إذا قمتم إلى الصلاة ; أي : أردنا إهلاكها .
فجاءها ; أي : فجاء أهلها .
بأسنا ; أي : عذابنا .
بياتا مصدر بمعنى الفاعل واقع موقع الحال ; أي : بائتين كقوم
لوط .
أو هم قائلون عطف عليه ; أي : أو قائلين : من القيلولة : نصف النهار ، كقوم
شعيب ، وإنما حذفت الواو من الحال المعطوفة على أختها ; استثقالا لاجتماع العاطفين ، فإن واو الحال حرف عطف قد استعيرت للوصل لا اكتفاء بالضمير ، كما في : جاءني زيد هو فارس ;
[ ص: 212 ] فإنه غير فصيح ، وتخصيص الحالتين بالعذاب لما أن نزول المكروه عند الغفلة والدعة أفظع ، وحكايته للسامعين أزجر وأردع ، عن الاغترار بأسباب الأمن والراحة ، ووصف الكل بوصفي البيات والقيلولة ، مع أن بعض المهلكين بمعزل منهما لا سيما القيلولة ; للإيذان بكمال غفلتهم وأمنهم .