ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير
(70) يذكر تعالى حالة المشركين به العادلين به غيره، وأن حالهم أقبح الحالات، وأنه لا مستند لهم على ما فعلوه، فليس لهم به علم، وإنما هو تقليد تلقوه عن آبائهم الضالين، وقد يكون الإنسان لا علم عنده بما فعله، وهو - في نفس الأمر- له حجة ما علمها، فأخبر هنا أن الله لم ينزل في ذلك
سلطانا ؛ أي: حجة تدل عليه وتجوزه، بل قد أنزل البراهين القاطعة على فساده وبطلانه، ثم توعد الظالمين منهم المعاندين للحق فقال:
وما للظالمين من نصير ينصرهم من عذاب الله إذا نزل بهم وحل. (72) وهل لهؤلاء الذين لا علم لهم بما هم عليه قصد في اتباع الآيات والهدى إذا جاءهم؟ أم هم راضون بما هم عليه من الباطل؟ ذكر ذلك بقوله:
وإذا تتلى عليهم آياتنا التي هي آيات الله الجليلة، المستلزمة لبيان الحق من الباطل، لم يلتفتوا إليها، ولم يرفعوا بها رأسا، بل
تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر من بغضها وكراهتها، ترى وجوههم معبسة، وأبشارهم مكفهرة.
يكادون يسطون [ ص: 1117 ] بالذين يتلون عليهم آياتنا ؛ أي: يكادون يوقعون بهم القتل والضرب البليغ من شدة بغضهم وبغض الحق وعداوته، فهذه الحالة من الكفار بئس الحالة، وشرها بئس الشر، ولكن ثم ما هو شر منها، حالتهم التي يؤولون إليها، فلهذا قال:
قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير فهذه شرها طويل عريض، ومكروهها وآلامها تزداد على الدوام.