ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون
ذكر الله في هذه الآيات أطوار الآدمي وتنقلاته، من ابتداء خلقه إلى آخر ما يصير إليه، فذكر ابتداء خلق أبي النوع البشري
آدم - عليه السلام - وأنه
من سلالة [ ص: 1123 ] من طين ؛ أي: قد سلت وأخذت من جميع الأرض، ولذلك جاء بنوه على قدر الأرض، منهم الطيب والخبيث وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك.
(13)
ثم جعلناه ؛ أي: جنس الآدميين
نطفة تخرج من بين الصلب والترائب، فتستقر
في قرار مكين وهو الرحم، محفوظة من الفساد والريح وغير ذلك.
(14)
ثم خلقنا النطفة التي قد استقرت قبل
علقة ؛ أي: دما أحمر، بعد مضي أربعين يوما من النطفة،
فخلقنا العلقة بعد أربعين يوما
مضغة ؛ أي: قطعة لحم صغيرة، بقدر ما يمضغ من صغرها،
فخلقنا المضغة اللينة
عظاما صلبة، قد تخللت اللحم، بحسب حاجة البدن إليها،
فكسونا العظام لحما ؛ أي: جعلنا اللحم كسوة للعظام، كما جعلنا العظام عمادا للحم، وذلك في الأربعين الثالثة،
ثم أنشأناه خلقا آخر نفخ فيه الروح، فانتقل من كونه جمادا إلى أن صار حيوانا،
فتبارك الله ؛ أي: تعالى وتعاظم وكثر خيره
أحسن الخالقين الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون فخلقه كله حسن، والإنسان من أحسن مخلوقاته، بل هو أحسنها على الإطلاق، كما قال تعالى:
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ولهذا كان خواصه أفضل المخلوقات وأكملها.
(15)
ثم إنكم بعد ذلك الخلق ونفخ الروح
لميتون في أحد أطواركم وتنقلاتكم. (16)
ثم إنكم يوم القيامة تبعثون فتجازون بأعمالكم، حسنها وسيئها، قال تعالى:
أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى .