وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون
(73 -74) ذكر الله تعالى في هذه الآيات الكريمات كل سبب موجب
[ ص: 1140 ] للإيمان، وذكر الموانع وبين فسادها، واحدا بعد واحد، فذكر من الموانع أن قلوبهم في غمرة، وأنهم لم يدبروا القول، وأنهم اقتدوا بآبائهم، وأنهم قالوا: برسولهم جنة، كما تقدم الكلام عليها. وذكر من الأمور الموجبة لإيمانهم تدبر القرآن، وتلقي نعمة الله بالقبول، ومعرفة حال الرسول
محمد - صلى الله عليه وسلم - وكمال صدقه وأمانته، وأنه لا يسألهم عليه أجرا، وإنما سعيه لنفعهم ومصلحتهم، وأن الذي يدعوهم إليه صراط مستقيم، سهل على العاملين لاستقامته، موصل إلى المقصود من قرب، حنيفية سمحة، حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، فدعوتك إياهم إلى الصراط المستقيم موجب لمن يريد الحق أن يتبعك؛ لأنه مما تشهد العقول والفطر بحسنه وموافقته للمصالح، فأين يذهبون إن لم يتابعوك؟ فإنهم ليس عندهم ما يغنيهم ويكفيهم عن متابعتك؛ لأنهم
عن الصراط لناكبون متجنبون منحرفون عن الطريق الموصل إلى الله، وإلى دار كرامته، ليس في أيديهم إلا ضلالات وجهالات، وهكذا كل من خالف الحق، لا بد أن يكون منحرفا في جميع أموره، قال تعالى:
فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله .