قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا [ ص: 1191 ] (15) أي: قل لهم - مبينا لسفاهة رأيهم واختيارهم الضار على النافع -:
أذلك الذي وصفت لكم من العذاب
خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون التي زادها تقوى الله، فمن قام بالتقوى فالله قد وعده إياها،
كانت لهم جزاء على تقواهم
ومصيرا موئلا يرجعون إليها، ويستقرون فيها، ويخلدون دائما أبدا.
(16)
لهم فيها ما يشاءون أي: يطلبون، وتتعلق بهم أمانيهم ومشيئتهم، من المطاعم والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والنساء الجميلات، والقصور العاليات، والجنات والحدائق المرجحنة، والفواكه التي تسر ناظريها وآكليها، من حسنها وتنوعها وكثرة أصنافها، والأنهار التي تجري في رياض الجنة وبساتينها حيث شاءوا يصرفونها ويفجرونها أنهارا من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وروائح طيبة، ومساكن مزخرفة، وأصوات شجية تأخذ من حسنها بالقلوب، ومزاورة الإخوان، والتمتع بلقاء الأحباب، وأعلى من ذلك كله التمتع بالنظر إلى وجه الرب الرحيم وسماع كلامه، والحظوة بقربه، والسعادة برضاه، والأمن من سخطه، واستمرار هذا النعيم ودوامه وزيادته على ممر الأوقات وتعاقب الآنات
كان دخولها والوصول إليها
على ربك وعدا مسؤولا يسأله إياها عباده المتقون بلسان حالهم ولسان مقالهم. فأي الدارين المذكورتين خير وأولى بالإيثار؟ وأي العاملين عمال دار الشقاء أو عمال دار السعادة أولى بالفضل والعقل والفخر يا أولي الألباب؟
لقد وضح الحق واستنار السبيل، فلم يبق للمفرط عذر في تركه الدليل، فنرجوك يا من قضيت على أقوام بالشقاء وأقوام بالسعادة أن تجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة، ونستغيث بك اللهم من حالة الأشقياء، ونسألك المعافاة منها.