من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين
(5) يعني: يا أيها المحب لربه، المشتاق لقربه ولقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، وكل ما هو آت قريب، فتزود للقائه، وسر نحوه مستصحبا الرجاء مؤملا الوصول إليه.
[ ص: 1304 ] ولكن ما كل من يدعي يعطى بدعواه، ولا كل من تمنى يعطى ما تمناه، فإن الله سميع للأصوات، عليم بالنيات، فمن كان صادقا في ذلك أناله ما يرجو، ومن كان كاذبا لم تنفعه دعواه، وهو العليم بمن يصلح لحبه ومن لا يصلح.
ومن جاهد نفسه وشيطانه، وعدوه الكافر،
فإنما يجاهد لنفسه لأن نفعه راجع إليه، وثمرته عائدة إليه، والله غني عن العالمين، لم يأمرهم بما أمرهم به لينتفع به، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم، وقد علم أن الأوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها إلى جهاد، لأن نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير، وشيطانه ينهاه عنه، وعدوه الكافر يمنعه من إقامة دينه، كما ينبغي، وكل هذه معارضات تحتاج إلى مجاهدات وسعي شديد.