ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون وله من في السماوات والأرض كل له قانتون وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
(25) أي: ومن آياته العظيمة أن قامت السماوات والأرض واستقرتا وثبتتا لأمره فلم يتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض، فقدرته العظيمة التي بها
[ ص: 1333 ] أمسك السماوات والأرض أن تزولا يقدر بها على أنه إذا دعا الخلق دعوة من الأرض إذا هم يخرجون
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس
(26)
وله من في السماوات والأرض الكل خلقه ومماليكه والمتصرف فيهم من غير منازع ولا معاون ولا معارض وكلهم قانتون لجلاله خاضعون لكماله.
(27)
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أي: إعادة الخلق بعد موتهم
أهون عليه من ابتداء خلقهم وهذا بالنسبة إلى الأذهان والعقول، فإذا كان قادرا على الابتداء الذي تقرون به كانت قدرته على الإعادة التي هي أهون أولى وأولى.
ولما ذكر من الآيات العظيمة ما به يعتبر المعتبرون ويتذكر المؤمنون ويستبصر المهتدون ذكر الأمر العظيم والمطلب الكبير فقال:
وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو كل صفة كمال، والكمال من تلك الصفة والمحبة والإنابة التامة الكاملة في قلوب عباده المخلصين والذكر الجليل والعبادة منهم. فالمثل الأعلى هو وصفه الأعلى وما ترتب عليه، ولهذا كان أهل العلم يستعملون في حق الباري قياس الأولى، فيقولون: كل صفة كمال في المخلوقات فخالقها أحق بالاتصاف بها على وجه لا يشاركه فيها أحد، وكل نقص في المخلوق ينزه عنه فتنزيه الخالق عنه من باب أولى وأحرى.
وهو العزيز الحكيم أي: له العزة الكاملة والحكمة الواسعة، فعزته أوجد بها المخلوقات وأظهر المأمورات، وحكمته أتقن بها ما صنعه وأحسن فيها ما شرعه.