ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين
(28) هذا مثل ضربه الله لقبح الشرك وتهجينه مثلا من أنفسكم لا يحتاج إلى حل وترحال وإعمال الجمال. " هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم " أي: هل أحد من عبيدكم وإمائكم الأرقاء يشارككم في رزقكم وترون
[ ص: 1334 ] أنكم وهم فيه على حد سواء.
تخافونهم كخيفتكم أنفسكم أي: كالأحرار الشركاء في الحقيقة الذين يخاف من قسمه واختصاص كل شيء بحاله؟
ليس الأمر كذلك فإنه ليس أحد مما ملكت أيمانكم شريكا لكم فيما رزقكم الله تعالى.
هذا، ولستم الذين خلقتموهم ورزقتموهم وهم أيضا مماليك مثلكم، فكيف ترضون أن تجعلوا لله شريكا من خلقه وتجعلونه بمنزلته، وعديلا له في العبادة وأنتم لا ترضون مساواة مماليككم لكم؟
هذا من أعجب الأشياء ومن أدل شيء على سفه من اتخذ شريكا مع الله، وأن ما اتخذه باطل مضمحل ليس مساويا لله ولا له من العبادة شيء.
كذلك نفصل الآيات بتوضيحها بأمثلتها
لقوم يعقلون الحقائق ويعرفون، وأما من لا يعقل فلو فصلت له الآيات وبينت له البينات لم يكن له عقل يبصر به ما تبين ولا لب يعقل به ما توضح، فأهل العقول والألباب هم الذين يساق إليهم الكلام ويوجه الخطاب.
(29) وإذا علم من هذا المثال أن من اتخذ من دون الله شريكا يعبده ويتوكل عليه في أموره، فإنه ليس معه من الحق شيء فما الذي أوجب له الإقدام على أمر باطل توضح له بطلانه وظهر برهانه؟ أوجب لهم ذلك اتباع الهوى فلهذا قال:
بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم هويت أنفسهم الناقصة التي ظهر من نقصها ما تعلق به هواها، أمرا يجزم العقل بفساده والفطر برده بغير علم دلهم عليه ولا برهان قادهم إليه.
فمن يهدي من أضل الله أي: لا تعجبوا من عدم هدايتهم فإن الله تعالى أضلهم بظلمهم ولا طريق لهداية من أضل الله لأنه ليس أحد معارضا لله أو منازعا له في ملكه.
وما لهم من ناصرين ينصرونهم حين تحق عليهم كلمة العذاب، وتنقطع بهم الوصل والأسباب.