وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون
(33) أي:
وآية لهم على البعث والنشور، والقيام بين يدي الله تعالى للجزاء على الأعمال، هذه
الأرض الميتة أنزل الله عليها المطر، فأحياها بعد موتها،
وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون من جميع أصناف الزروع، ومن جميع أصناف النبات، التي تأكله أنعامهم.
[ ص: 1452 ] (34)
وجعلنا فيها أي: في تلك الأرض الميتة
جنات أي: بساتين، فيها أشجار كثيرة، وخصوصا النخيل والأعناب، اللذين هما أشرف الأشجار،
وفجرنا فيها أي: في الأرض
من العيون
جعلنا في الأرض تلك الأشجار، والنخيل والأعناب.
(35)
ليأكلوا من ثمره قوتا وفاكهة، وأدما ولذة، ( و ) الحال أن تلك الثمار " ما " عملتها
أيديهم وليس لهم فيه صنع ولا عمل، إن هو إلا صنعة أحكم الحاكمين، وخير الرازقين، وأيضا فلم تعمله أيديهم بطبخ ولا غيره، بل أوجد الله هذه الثمار، غير محتاجة لطبخ ولا شي، تؤخذ من أشجارها، فتؤكل في الحال.
أفلا يشكرون من ساق لهم هذه النعم، وأسبغ عليهم من جوده وإحسانه، ما به تصلح أمور دينهم ودنياهم، أليس الذي أحيا الأرض بعد موتها، فأنبت فيها الزروع والأشجار، وأودع فيها لذيذ الثمار، وأظهر ذلك الجنى من تلك الغصون، وفجر الأرض اليابسة الميتة بالعيون، بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى، إنه على كل شيء قدير.
(36)
سبحان الذي خلق الأزواج كلها أي: الأصناف كلها،
مما تنبت الأرض فنوع فيها من الأصناف ما يعسر تعداده.
ومن أنفسهم فنوعهم إلى ذكر وأنثى، وفاوت بين خلقهم وخلقهم، وأوصافهم الظاهرة والباطنة.
ومما لا يعلمون من المخلوقات التي قد خلقت وغابت عن علمنا، والتي لم تخلق بعد، فسبحانه وتعالى أن يكون له شريك، أو ظهير، أو عوين، أو وزير، أو صاحبة، أو ولد، أو سمي، أو شبيه، أو مثيل في صفات كماله ونعوت جلاله، أو يعجزه شيء يريده.