مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
(261) هذا حث عظيم من الله لعباده في إنفاق أموالهم في سبيله، وهو طريقه الموصل إليه، فيدخل في هذا إنفاقه في ترقية العلوم النافعة، وفي الاستعداد للجهاد في سبيله، وفي تجهز المجاهدين وتجهيزهم، وفي جميع المشاريع الخيرية النافعة للمسلمين،
[ ص: 192 ] ويلي ذلك الإنفاق على المحتاجين والفقراء والمساكين.
وقد يجتمع الأمران، فيكون في النفقة دفع الحاجات والإعانة على الخير والطاعات، فهذه النفقات مضاعفة، هذه المضاعفة بسبعمائة إلى أضعاف أكثر من ذلك، ولهذا قال:
والله يضاعف لمن يشاء وذلك بحسب ما يقوم بقلب المنفق من الإيمان والإخلاص التام، وفي ثمرات نفقته ونفعها، فإن بعض طرق الخيرات يترتب على الإنفاق فيها منافع متسلسلة، ومصالح متنوعة، فكان الجزاء من جنس العمل.
(262) ثم أيضا ذكر ثوابا آخر للمنفقين أموالهم في سبيله نفقة صادرة، مستوفية لشروطها، منتفية موانعها، فلا يتبعون المنفق عليه منا منهم عليه، وتعدادا للنعم، وأذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء
لهم أجرهم عند ربهم بحسب ما يعلمه منهم، وبحسب نفقاتهم ونفعها، وبفضله الذي لا تناله ولا تصل إليه صدقاتهم.
ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فنفى عنهم المكروه الماضي بنفي الحزن، والمستقبل بنفي الخوف عليهم، فقد حصل لهم المحبوب، واندفع عنهم المكروه.