للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
(273) يعني أنه ينبغي أن تتحروا بصدقاتكم الفقراء، الذين حبسوا أنفسهم في سبيل الله وعلى طاعته، وليس لهم إرادة في الاكتساب، أو ليس لهم قدرة عليه، وهم يتعففون، إذا رآهم الجاهل ظن أنهم أغنياء،
لا يسألون الناس إلحافا فهم لا يسألون بالكلية، وإن سألوا اضطرارا لم يلحوا في السؤال.
فهذا الصنف من الفقراء أفضل ما وضعت فيهم النفقات لدفع حاجتهم، وإعانة لهم على مقصدهم وطريق الخير، وشكرا لهم على ما اتصفوا به من الصبر والنظر إلى الخالق، لا إلى الخلق، ومع ذلك فالإنفاق في طرق الإحسان وعلى المحاويج حيثما كانوا، فإنه خير وأجر وثواب عند الله، ولهذا قال تعالى:
(274)
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فإن الله يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله، وإن الله ينيلهم الخيرات ويدفع عنهم الأحزان والمخاوف والكريهات.
وقوله:
فلهم أجرهم عند ربهم أي: كل أحد منهم بحسب حاله، وتخصيص
[ ص: 198 ] ذلك بأنه عند ربهم، يدل على شرف هذه الحال ووقوعها في الموقع الأكبر، كما في الحديث الصحيح:
nindex.php?page=hadith&LINKID=689900 (إن العبد ليتصدق بالتمرة من كسب طيب فيتقبلها الجبار بيده، فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل العظيم) .