وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين [ ص: 1765 ] ثم ذكر ما أعد لأصحاب اليمين فقال:
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين أي: شأنهم عظيم، وحالهم جسيم.
في سدر مخضود أي: مقطوع ما فيه من الشوك والأغصان الرديئة المضرة، مجعول مكان ذلك الثمر الطيب، وللسدر من الخواص، الظل الظليل، وراحة الجسم فيه.
وطلح منضود والطلح معروف، وهو شجر كبار يكون بالبادية، تنضد أغصانه من الثمر اللذيذ الشهي.
وماء مسكوب أي: كثير من العيون والأنهار السارحة، والمياه المتدفقة.
وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة أي: ليست بمنزلة فاكهة الدنيا تنقطع في وقت من الأوقات، وتكون ممتنعة أي: متعسرة على مبتغيها، بل هي على الدوام موجودة، وجناها قريب يتناوله العبد على أي حال يكون.
وفرش مرفوعة أي: مرفوعة فوق الأسرة ارتفاعا عظيما، وتلك الفرش من الحرير والذهب واللؤلؤ وما لا يعلمه إلا الله.
إنا أنشأناهن إنشاء أي: إنا أنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا، نشأة كاملة لا تقبل الفناء.
فجعلناهن أبكارا صغارهن وكبارهن.
وعموم ذلك، يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا، وأن هذا الوصف -وهو البكارة- ملازم لهن في جميع الأحوال، كما أن كونهن
عربا أترابا ملازم لهن في كل حال، والعروب: هي المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها، وحسن هيئتها ودلالها وجمالها ومحبتها ، فهي التي إن تكلمت سبت العقول، وود السامع أن كلامها لا ينقضي، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا، وإن انتقلت من محل إلى آخر، امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا ونورا، ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع.
والأتراب اللاتي على سن واحدة، ثلاث وثلاثين سنة، التي هي غاية ما يتمنى ونهاية سن الشباب، فنساؤهم عرب أتراب، متفقات مؤتلفات، راضيات مرضيات، لا يحزن ولا يحزن، بل هن أفراح النفوس، وقرة العيون، وجلاء الأبصار.
لأصحاب اليمين أي: معدات لهم مهيئات.
ثلة من الأولين وثلة من الآخرين أي: هذا القسم وهم
[ ص: 1766 ] أصحاب اليمين عدد كثير من الأولين، وعدد كثير من الآخرين.