[ ص: 1934 ] أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم
يقول تعالى مبينا دليلا واضحا لمنكري البعث ومستبعدي إعادة الله للأجساد:
أأنتم أيها البشر
أشد خلقا أم السماء ذات الجرم العظيم، والخلق القوي، والارتفاع الباهر
بناها الله.
رفع سمكها أي: جرمها وصورتها،
فسواها بإحكام وإتقان يحير العقول، ويذهل الألباب،
وأغطش ليلها أي: أظلمه، فعمت الظلمة جميع أرجاء السماء، فأظلم وجه الأرض،
وأخرج ضحاها أي: أظهر فيه النور العظيم، حين أتى بالشمس، فانتشر الناس في مصالح دينهم ودنياهم.
والأرض بعد ذلك أي: بعد خلق السماء
دحاها أي: أودع فيها منافعها.
وفسر ذلك بقوله:
أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها أي: ثبتها بالأرض. فدحى الأرض بعد خلق السماء، كما هو نص هذه الآيات الكريمة . وأما خلق نفس الأرض، فمتقدم على خلق السماء كما قال تعالى:
قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين إلى أن قال:
ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فالذي خلق السماوات العظام وما فيها من الأنوار والأجرام، والأرض الغبراء الكثيفة، وما فيها من ضروريات الخلق ومنافعهم، لا بد أن يبعث الخلق المكلفين، فيجازيهم بأعمالهم، فمن أحسن فله الحسنى، ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه، ولهذا ذكر بعد هذا قيام الساعة ثم الجزاء ، فقال: