الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير
(183) يخبر تعالى عن حال هؤلاء المفترين القائلين:
إن الله عهد إلينا أي: تقدم إلينا وأوصى،
ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار فجمعوا بين الكذب على الله، وحصر آية الرسل بما قالوه، من هذا الإفك المبين، وأنهم إن لم
[ ص: 266 ] يؤمنوا برسول لم يأتهم بقربان تأكله النار، فهم -في ذلك- مطيعون لربهم، ملتزمون عهده، وقد علم أن كل رسول يرسله الله، يؤيده من الآيات والبراهين، ما على مثله آمن البشر، ولم يقصرها على ما قالوه، ومع هذا فقد قالوا إفكا لم يلتزموه، وباطلا لم يعملوا به، ولهذا أمر الله رسوله أن يقول لهم:
قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات الدالات على صدقهم
وبالذي قلتم بأن أتاكم بقربان تأكله النار
فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين أي: في دعواكم الإيمان برسول يأتيكم بقربان تأكله النار، فقد تبين بهذا كذبهم، وعنادهم وتناقضهم.
(184) ثم سلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال:
فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك أي: هذه عادة الظالمين، ودأبهم الكفر بالله، وتكذيب رسل الله وليس تكذيبهم لرسل الله عن قصور ما أتوا به، أو عدم تبين حجة، بل قد
جاءوا بالبينات أي: الحجج العقلية، والبراهين النقلية،
والزبر أي: الكتب المزبورة المنزلة من السماء، التي لا يمكن أن يأتي بها غير الرسل.
والكتاب المنير للأحكام الشرعية، وبيان ما اشتملت عليه من المحاسن العقلية، ومنير أيضا للأخبار الصادقة، فإذا كان هذا عادتهم في عدم الإيمان بالرسل، الذين هذا وصفهم، فلا يحزنك أمرهم، ولا يهمنك شأنهم. ثم قال تعالى: