أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير
(108) ينهى الله المؤمنين، أو اليهود، بأن يسألوا رسولهم
[ ص: 84 ] كما سئل موسى من قبل والمراد بذلك، أسئلة التعنت والاعتراض، كما قال تعالى:
يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة .
وقال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم فهذه ونحوها، هي المنهي عنها.
وأما سؤال الاسترشاد والتعلم، فهذا محمود قد أمر الله به كما قال تعالى
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ويقررهم عليه، كما في قوله
يسألونك عن الخمر والميسر و
ويسألونك عن اليتامى ونحو ذلك.
ولما كانت
المسائل المنهي عنها مذمومة، قد تصل بصاحبها إلى الكفر، قال:
ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل .
(109) ثم أخبر عن حسد كثير من أهل الكتاب، وأنهم بلغت بهم الحال، أنهم ودوا
لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا وسعوا في ذلك، وأعملوا المكايد، وكيدهم راجع عليهم كما قال تعالى:
وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون وهذا من حسدهم الصادر من عند أنفسهم.
فأمرهم الله بمقابلة من أساء إليهم غاية الإساءة بالعفو عنهم والصفح حتى يأتي الله بأمره.
ثم بعد ذلك، أتى الله بأمره إياهم بالجهاد، فشفى الله أنفس المؤمنين منهم، فقتلوا من قتلوا، واسترقوا من استرقوا، وأجلوا من أجلوا
إن الله على كل شيء قدير .
(110) ثم أمرهم الله بالاشتغال في الوقت الحاضر، بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وفعل كل القربات، ووعدهم أنهم مهما فعلوا من خير، فإنه لا يضيع عند الله، بل يجدونه عنده وافرا موفرا قد حفظه
إن الله بما تعملون بصير .