وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون
(66 ) أي:
وإن لكم في الأنعام التي سخرها الله لمنافعكم
لعبرة تستدلون بها على
كمال قدرة الله وسعة إحسانه ؛ حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم، فأخرج من بين ذلك لبنا خالصا من الكدر سائغا للشاربين للذته ولأنه يسقي ويغذي، فهل هذه إلا قدرة إلهية لا أمور طبيعية.
فأي شيء في الطبيعة يقلب العلف الذي تأكله البهيمة والشراب الذي تشربه من الماء العذب والملح لبنا خالصا سائغا للشاربين؟
(67 ) وجعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والأعناب منافع للعباد، ومصالح من أنواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريا ونضيجا وحاضرا ومدخرا وطعاما وشرابا يتخذ من عصيرها ونبيذها، ومن السكر الذي كان حلالا قبل ذلك، ثم
[ ص: 890 ] إن الله نسخ حل المسكرات، وأعاض عنها بالطيبات من الأنبذة، وأنواع الأشربة اللذيذة المباحة، ولهذا قال من قال : إن المراد بالسكر هنا الطعام والشراب اللذيذ ، وهو أولى من القول الأول .
إن في ذلك لآية لقوم يعقلون عن الله كمال اقتداره حيث أخرجها من أشجار شبيهة بالحطب، فصارت ثمرة لذيذة وفاكهة طيبة، وعلى شمول رحمته ؛ حيث عم بها عباده ويسرها لهم، وأنه الإله المعبود وحده حيث إنه المنفرد بذلك.