( وإذا حضر إمام ) أو أميره ( حصنا لزمه ) فعل ( الأصلح ) في نظره واجتهاده ( من مصابرته ) أي الحصن أي الصبر حتى يفتح الله عليه ( و ) من ( موادعته بمال و ) من ( هدنة ) بلا مال ( بشرطها ) المعلوم من بابها نصا ( ويجبان ) أي الموادعة بمال والهدنة بغيره ( إن سألوهما ) أي أهل الحصن ( وثم مصلحة ) لحصول الغرض من إعلاء كلمة الإسلام وصغار الكفرة . وله أيضا الانصراف بدونه إن رآه لضرر أو إياس منه .
( وإن
قالوا ) أي أهل الحصن للمسلمين ( ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم ) عندنا ( فليرحلوا ) وجوبا ، لئلا يلقوا بأسرى المسلمين للهلاك ( ويحرز
من أسلم منهم ) أي أهل الحصن قبل استيلائنا عليه ( دمه وماله حيث كان ) في الحصن أو خارجه . لحديث " أمرت أن أقاتل الناس . . " الخبر ( ولو ) كان ماله ( منفعة إجارة ) لأنها داخلة فيه ( و ) يحرز من أسلم منهم ( أولاده
[ ص: 629 ] الصغار وحمل امرأته ) للحكم بإسلامهم تبعا له . و ( لا ) يحرز امرأته ( وهي ) لأنها لا تتبعه في الإسلام ويجوز استرقاقها كغيرها ( ولا ينفسخ نكاحه ) أي الزوج المسلم ( برقها ) أي الزوجة ; لأن منفعة النكاح لا تجري مجرى الأموال . بدليل عدم ضمانها باليد وعدم أخذ العوض عنها .
( وإن
نزلوا ) أي أهل الحصن ( على حكم ) رجل ( مسلم حر مكلف عدل مجتهد في الجهاد ) وإن لم يكن مجتهدا في كل الأحكام ( ولو ) كان ( أعمى ) جاز ، لأن المقصود رأيه ومعرفة المصلحة به بخلاف القضاء ( أو ) كان المنزول على حكمه ( متعددا ) كرجلين فأكثر ( جاز ) ويكون الحكم فيهم ما اجتمعا أو اجتمعوا عليه ( ويلزمه ) أي المنزول على حكمه ( الحكم بالأحظ لنا ) من قتل أو رق أو من فداء ( ويلزم ) حكمه ( حتى بمن ) عليهم كالإمام . ولما حاصر صلى الله عليه وسلم بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ . فأجابهم لذلك . فحكم فيهم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم .
( وليس للإمام قتل من ) حكم منزول على حكمه ( برقه ) لأن القتل أشد من الرق . وفيه إتلاف القيمة على الغانمين ( ولا ) للإمام ( رق من حكم ) منزول على حكمه ( بقتله ) لأنه قد يكون ممن يخاف ببقائه نكاية المسلمين ودخول الضرر عليهم ( ولا ) للإمام ( رق ولا قتل من حكم ) من نزلوا على حكمه ( بفدائه ) لأنها أشد منه . فلا يجاوز الأخف مما حكم به إلى الأثقل ; لأنه نقض للحكم بعد لزومه ( وله ) أي الإمام ( المن مطلقا ) أي على من حكم بقتله أو برقه أو فدائه ; لأنه أخف من الثلاثة . فإذا رآه الإمام مصلحة جاز له فعل ; لأن نظره أتم ( و ) للإمام ( قبول فداء ممن حكم ) منزول على حكمه ( بقتله أو رقه ) لأنه أخف منهما . وهو نقض للحكم برضا محكوم له . وذلك حق للإمام . فإذا رضي بتركه إلى غيره جاز له .
( وإن
أسلم من حكم ) من نزلوا على حكمه ( بقتله أو سبيه ) أي رقه ( عصم دمه فقط ) دون ماله وذريته . لأنهما صارا بالحكم بقتله ملكا للمسلمين . فلا يعودان إليه بإسلامه . وأما دمه فأحرزه بإسلامه ( ولا يسترق ) لأنه أسلم قبله . فلم يحز ، كما لو أسلم قبل قدرة عليه ( وإن
سألوا ) أي أهل الحصن الأمير ( أن ينزلهم على حكم الله تعالى لزمه أن ينزلهم ، ويخير فيهم كأسرى ) لأنه حكم الله تعالى ، والنهي عنه أجاب عنه
النووي في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بأنه لاحتمال نزول وحي بما يخالف ما حكم به . وقد أمن ذلك بموته صلى الله عليه وسلم ( ولو
كان به ) أي الحصن ( من لا جزية عليه ) كامرأة وخنثى ( فبذلها لعقد الذمة [ ص: 630 ] عقدت ) له أي الذمة بمعنى الأمان ( مجانا : وحرم رقه ) لتأمينه وإن لم يجب به مال